قراءة في الخطاب السياسي للإصلاح في الذكرى ال 33 لتأسيسه
أ/محمد محسن يعقوب:*
يشدني اهتمام منتسبي الإصلاح وأنصاره ومحبيه بذكرى التاسيس ال 33 على المستويين: الاعلامي والشعبي.. ولا غرابة فالاصلاح حزب بحجم وطن ، يتمتع بشعبية واسعة وامتداد عريق . فحين يقرر الاحتفال او الاحتفاء ستحتفل اليمن بأكملها سهولها وجبالها.
وليس ذلك الاتساع مصطنعا او متكلفا لكنه امتداد طبيعي للحيز الذي يشغله الاصلاح في الخارطة اليمنية.
ومايشدني اكثر اهتمام غير الاصلاحيين بتلك المناسبة سواء على المستوى المحلي او الخارجي وما يبدونه من مواقف تجاه الاصلاح كحزب سياسي يمني وما يقولونه عن مواقفه السياسية وعلاقته بشركاء العمل السياسي وتعاطيه مع الأطراف المتعددة ذات الحضور المؤثر في الملف اليمني، وعن طريقة تعامله مع المتغيرات وإدارته للأزمات المتلاحقة في ظل وضع استثنائي مليء بالتجاذبات والاستقطابات وتقاطع المصالح على كافة المستويات والأصعدة.
ولمحاولة تقريب صورة الاصلاح لكل المتابعين والمهتمين في الداخل والخارج وتعريفهم بظاهرة الاصلاح الحزب السياسي اليمني وتجربته في العمل الحزبي نحاول تقديم قراءة للخطاب السياسي للاصلاح وكيف حدد مواقفه وصاغ توجهاته في مختلف المراحل وعلى كافة المستويات والاصعدة المحلية والاقليمية والدولية؛ باعتبار الخطاب السياسي هو خلاصة توجهات الحزب السياسية والفكرية وعصارة تجربته الميدانية والعملية.
فعلى الصعيد المحلي انتهج الإصلاح منذ تاسيسه وإلى هذه اللحظة منهجية الخطاب المتزن الذي أكد على الشراكة والتعايش مع كافة الأحزاب والقوى المحلية: السياسي منها والقبلي والديني، ولم يدعي في يوم ما أنه صاخب الحق وغيره أهل الباطل، أو انه الوطن وغيره العمالة. ولم يرفع الاصلاح في اي لحظة شعارات الاستحواذ او العداء .
.ولايعني هذا انه تمكن من تصفير عداد الخصومات، بل كانت ومازالت .
لكن الاهم هو تعامله مع الخصوم و خطابه السياسي نحوهم والذي لم يتعد في اشد مراحله توصيفا منطقيا لتجاوزهم للثوابت الوطنية التي يؤمن بها او عبث بعضهم بالمكتسبات الوطنية او ما اضطر اليه من رد على تهمة رمى بها خصومه عليه واذا جمعت كل تلك البيانات ستجدها من افضل ماقيل وكتب بين الخصوم السياسيين.
مارس الاصلاح العمل السياسي بكل جدارة و شارك في السلطة ثم تركها دون سفك قطرة دم واحدة ثم عاد الى الشراكة وشارك في جميع العمليات الديمقراطية وقبل بنتائجها واحترم إرادة الجماهير ..
لم اجد للاصلاح بيانا سياسيا تخوينيا أو خطابا عنصريا او توجها مناطقيا او تمييزا فئويا ..
وهذا لايعني انه ليس للإصلاح أخطاء او مواقف غير صحيحة لفلان او فلان من منتسبيه ولكنني أتحدث عن سياسات ومنهجية ومواقف رسمية شاملة.
ولعل الإصلاح هو الأقل من بين الأحزاب اليمنية في الخطاب الرسمي، وبياناته ومواقفه تدرس بعناية وهو ما جعل مواقفه اكثر نضوجا واعتدلا وموضوعية ولذا فإن المتحاملين عليه وجدوا انفسهم مضطرين لكتابة بيانات مزورة باسمه او اختراق مواقعه لصياغة تصريحات واخبار تخدم تحاملهم وتجير لصالح اجندتهم.
وعلى الصعيد الإقليمي اتسم خطاب الاصلاح السياسي بمراعاة البعد الاستراتيجي للأمن القومي للمنطقة العربية عموما ولدول الجوار خصوصا فمنذ تأسيس الإصلاح وإلى هذه اللحظة لم يصدر عنه موقف يسيء لأي دولة من دول المنطقة رغم المتغيرات الكثيرة التي عصفت بدولها مراعيا بذلك المصلحة الوطنية التي تقتضي ان تكون عليها علاقة اليمن بدول الجوار وعلى رأسها المملكة العربية السعودية في أعلى مستوياتها وفي أصح حالاتها ..وهذا موقف ثابت للإصلاح لم يأت مع متغيرات الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي الانقلابية على ابناء الشعب اليمني بل هي قناعة راسخة التزم بها الإصلاح على مدى ثلاثة وثلاثين عاما من العمل السياسي ولم يتمكن خصوم الإصلاح من إيجاد بيان واحد او موقف سياسي خارج عن هذا الإلتزام رغم استماتة خصومه في اظهاره كخصم ومهدد لدول الجوار والمنطقة كلها وعلى راس هؤلاء مليشيات الحوثي الإرهابية التي ذهبت مطابخها نحو فبركة وتزوير خليط من الخطاب الإعلامي والتصريحات والشائعات التي حاولت فيها أن تشكك في موقف الإصلاح من التحالف العربي لدعم الشرعية وشراكته كمكون رئيس ضمن منظمومة الشرعية مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية بالذات، وحاولوا وضع الإصلاح في مربع الخصومة مع الأشقاء في المملكة لكن تلك المحاولات و المغالطات اصطدمت بثبات مواقف الإصلاح ورسوخه وضبط خطابه السياسي ، وبوعي وإدراك الاشقاء في المملكة بضحالة وخبث تلك الشائعات والمغالطات.. و على ذات الصعيد يتبنى الإصلاح الموقف الرسمي للشرعية اليمنية من مختلف القضايا الإقليمية كموقفه من الخلاف الخليجي ثم من المصالحة الخليجية وموقفه من إدانة أعمال إيران التخريبية في المنطقة وموقفه من ملكية الإمارات لجزرها المحتلة من إيران وغيرها من القضايا الإقليمية.
وعلى الصعيد الدولي فإن الإصلاح من خلال علاقاته بمختلف الأطراف الدولية يتبنى الخطاب الوطني المنسجم مع توجه مؤسسات الدولة المختلفة وله موقف واضح من الحرب على الإرهاب باعتبارها قضية ذات بعد دولي و كان موقفه مطابقا للموقف الرسمي من القضية الفلسطينيةوالموقف من إيران والموقف من الحرب في أوكرانيا والموقف من الاوضاع في سوريا وليبيا والسودان ومن التنافس الامريكي الصيني و الكثير من القضايا الدولية المختلفة.
ولكن رغم هذا الاتزان في الخطاب السياسي والانضباط والالتزام بموقف السلطات الرسمية للشرعية في مختلف القضايا الخارجية الا ان ما يتعرض له الإصلاح من شركاء المعركة ورفقاء الميدان من تشويه وتخوين بحملات إعلاميةضخمة تجعلنا نؤكد ان هذه الحملات لا مبرر لها وانها ناتجة عن كيد سياسي بأدوات استخباراتية لا تخضع مواده للتقييم المنصف ولا للتمحيص بل يسلم بها كما وردت وهذا بحد ذاته بحاجة إلى مراجعة من كل شركاء المعركة وداعميها وهذا يتطلب ان تتسم علاقة الشركاء المحليين والاقليميين مع بعضهم بالصراحة والوضوح و ان تعالج ملفاتهم الخلافية عبر الحوار السياسي البناء وليس عبر التراشق الاعلامي في وسائل الاعلام ومنصات التواصل ..وذلك اجدى وانفع من خوض معارك جانبية في معسكر الشرعية وتفويت الفرصة على ايران ومليشياتها الحوثية التي يطول عمرها ويتمدد امد سيطرتها بالاستفادة من تلك المعارك.
ومما يجب التاكيد عليه أن الخطاب السياسي للاصلاح ينتقد من البعض لقلة مواقفه الرسمية المعبرة عن الحزب وتغاضيه عن حملات التشويه التي تستهدفه وعدم الرد عليها وضعف الخطاب الشعبوي الجماهيري و غيرها من المآخذ التي لايخلوا منها اي عمل بشري ولعلها فرصة سانحة للقائمين على صياغةالخطاب السياسي للإصلاح للاستفادة من كل قلم ناقد و العمل على تحسين وتجويد هذا الخطاب.
مبارك لكل منتسبي ومنتسبات الإصلاح وكل انصاره ومحبيه وكل يمني ويمنية في داخل اليمن وخارجه هذه الذكرى وكل عام واليمن واهلها بخير.
* عضو قيادة الإصلاح بمحافظة حجة – وكيل المحافظة