منوعات

من ثمار معركة طوفان الاقصى            *الكاتب/ أحمد حسين واصل

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا محمد الأمين.

رحم الله الإمام الشافعي حين قال:   

جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ

وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي

وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن

عرفتُ بها عدوّي من صديقي

صحيح أنّ التضحية كبيرة جدًا، والفاتورة باهظة الثمن، لكن .. مقابل الانتصار للأقصى ومنع تهويده، و تحرير الأسيرات والأسرى الذين يمعن العدو في تعذيبهم وإهانتهم في سجونه، وفداء لإخواننا في القدس والأراضي المحتلة الذين يتعرضون لأبشع أنواع القتل بدم بارد من قبل  العدو ، وإفشالا لصفقة القرن، وكسرا لأسطورة ما أطلق عليها تسمية (القوة التي لا تقهر)، وإعادة القضية الفلسطينية الى الصدارة، بعد أن سعي الغرب بكل قواه لتغييبها، وأمام ذلك كله، تهون كل التضحيات، وترخص كل الأثمان عند “.. من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد” ق: ٣٧ ،أما الذين خانتهم الذاكرة، أو سلموا للأمر الواقع، أو ارتهنوا للغرب وشيطنوا المقاومة وطوفان الأقصى، فلا قلب لهم ولا سمع، ولا قبول لحضورهم وشهادتهم.. تلك أهم الثمار التي سعت المقاومة الفلسطينية في غزة لتحقيقها. وفي هذه العجالة أضف بعض الثمار إلى ما سبق ومنها:

  1. معركة طوفان الأقصى كشفت المستور

إن هذه المهانة والذلة وهذا الضعف والهوان الذي وصلت إليه أمتنا العربية والإسلامية ـ رغم ما تمتلكه من إمكانات مادية وبشرية وترسانة عسكرية مهولة ـ  أمر مخز ومؤسف، ولم يكن أحد يتوقع أن تصل إلى هذا المستوى، فقد وصل بها الأمر إلى عدم الاستطاعة أن تحرك ساكنا تجاه ما يحصل من انتهاكات للأقصى والقدس الشريف، وما يحصل من مجازر وحشية، وجرائم مروعة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة، وبقية الأراضي المحتلة من قبل الاحتلال الصهيوني الغاصب، ولم تسجل الدول العربية والإسلامية أي دور أو موقف يسهم في إيقاف  هذا العدوان، وفي مقابل ذلك الضعف والهوان، نجد الدول الغربية تقوم بدعم العدو الصهيوني ، وتأييده بالعدة والعتاد. وإذا كان حال تلك الدول العربية في عجزها وخوفها قد أوصلها إلى عدم القدرة على المساعدة العسكرية لإخوانهم الفلسطينيين؛ فأقل شيء يمكن القيام به هو قطع العلاقات مع العدو وداعميه، ومنع تدفق السلاح والغذاء والنفط للعدو برا وبحرا وجوا، والتحرك الدبلوماسي والحقوقي القوي والمؤثر، بل لم يقوموا بما هو أقل من ذلك بكثير-للأسف الشديد -وهو إدخال المساعدات والغذاء والدواء والكساء ومسلتزمات الإيواء بما يلبي الحاجة ويرفع الفاقة عن إخوانهم في غزة. وقد يقول البعض إن وجود بعض الزعماء (المتصهينين) حال دون ذلك، لكني أقول لهم: دعكم من هؤلاء الخونة، فهم قلة وأعدادهم لا تكاد تذكر، أتكلم عن بقية زعماء شعوب العالَمين العربي والإسلامي أين هم؟ وأين دورهم؟ وأين نخوتهم؟ وأين نجدتهم؟ وأين ضمائرهم؟ وأين استشعار مسؤليتهم تجاه قضيتهم المقدسة، وتجاه إخوانهم المظلومين المضطهدين المحاصرين في فلسطين؟

كنا حين ننظر إلى استعراضات الجيوش بأسلحتها الفتاكة المختلفة في دولنا العربية والإسلامية، ونسمع الكلمات الرنانة والمنمقة؛ أن ذلك الإعداد والاستعداد؛ للحفاظ على السيادة وحراسة المقدسات، وحماية الأمة… إلخ؛ فتأخذنا العزة والنشوة، وتغمرنا السعادة، ولكن استطاع الأعداء أن يجعلوها ـ في بعض الدول ـ توجه إلى صدور أبنائها ؛بسبب خيانات زعاماتها للعهود والمواثيق التي قطعوها لشعوبهم وأمتهم، وأصبح همهم أنفسهم والمحافظة على كراسيهم وعروشهم، ونماذج ذلك شاهدة وحاضرة، أما في بقية الدول فقد أوقفوا تلك الجيوش للاستعراضات والاحتفالات الوطنية.

  1. معركة طوفان الأقصى عرت المتآمرين ومؤامراتهم  وفضحت الخونة وخياناتهم

حين نادى الغرب بالحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وحقوق الانسان؛ جعلوها حكرا عليهم ولهم، أما دولنا العربية والاسلامية فلا اعتبار لدى الغرب لتطبيق ذلك فيها، بل يؤيدون كل ما يتنافى مع تطبيقها، ولما رأى الغرب بعض الحكام في بلداننا لا يروق لهم تطبيقها أيدوهم ودعموهم؛ فنتج عن ذلك: القتل، والسجن، والاختطاف لمن تمسك بالديمقراطية أو بالشورى، ونتائج الانتخابات، أو لمن طالب بتطبيق العدالة، وحرية الرأي والتعبير، أو انتقد الحكام أو حتى نصح، وخاصة من قبل أولئك الحكام الذين كانوا من صنيعهم ..وقد قام الغرب للأسف بالتركيز على الدول ذات الثقل المادي أو البشري أو العسكري في بلداننا ؛ لضمان التبعية لهم وعدم القيام بأي دور مركزي يؤثر على التوجهات الغربية، ومثال ذلك تحييد موقفهم من حرب غزة، فقد قام وزير خارجية أمريكا بالجولة المكوكية إلى بعض الدول العربية والإسلامية ليطلب منها دعم معركة الكيان الصهيوني على غزة ، أو تحييدهم وعدم التدخل، أوعدم مساعدة أهل غزة في هذه المعركة، وفعلا حصل من  بعض الزعماء على أكثر مما طلبه وتوقعه منهم ـ  للأسف الشديد ـ فتبينت الخيانات وافتضح الخونة.

ومما أوصلنا إليه العدو (الصهيوصليبي) وأقنع به أكثر الزعمات في دولنا إلى أن السعي أو التفكير بشأن وحدة المسلمين أو تكوين مرجعية لها قوتها واعتبارها، أو التفكير بشأن أبناء جلدتهم وملتهم والحرص على مصلحتهم، أو التحذير من تآمر الأعداء والتحرر من التبعية لهم ـ كما هو نهج حركات التوسط والاعتدال ـ  أو المقاومة للمحتلين والغاصبين كما هو حاصل في فلسطين  ـ يوصف كل من قام أو دعا إلى ذلك بالإرهاب والرجعية والخيانة .

لكن الوعي الذي حصل في أمتنا العربية والاسلامية بسبب معركة طوفان الأقصى – لله در رجالها – غيرت الموازين وقلبت الطاولة وهدمت ما بناه أعداء الأمة طيلة الفترات الماضية، وطمسوا ما حاولوا ترسيخه في عقول أبناء هذه الأمة من تلك المغالطات والتزييفات السابق ذكرها؛ فبطل سحر المتآمرين وانقلب عليهم, بل وصل الوعي إلى مختلف أرجاء العالم، واتضح لكثير من أبناء المجتمعات الغربية زيف النخب الحاكمة، وخداعهم وتضليلهم والذي سيفضي عما قريب بإذن الله إلى زلزلة عروشهم.

  1. معركة طوفان الأقصى عرفتنا بالدور المطلوب تجاه الأقصى وفلسطين وغزة والمقاومة

إن الدور المطلوب من قبل الدعاة والعلماء والكتاب والإعلاميين والأدباء والشعراء والفنانين وكل مسلم غيور ومن كل الأحزاب والكيانات والمنظمات والهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية العامة والخاصة في بلداننا العربية والإسلامية ـ استمرار حراك التوعية ببيان حقيقة الاحتلال الصهيوني الغاصب، وكشف نازيته، وفضح جرائمه، وكذلك بيان زيف شعارات الغرب الكاذبة، وحقيقة تآمرهم على الأمة ودينها ومقدساتها ووحدتها، وعلى فلسطين والأقصى بصورة خاصة، ومطلوب منهم تجاه مجتمعاتنا بصورة أكبر ـ تأكيد الولاء وتعزيز الانتماء بالقيم والمبادئ، وحب المقدسات والأوطان والمحافظة عليها والتضحية من أجلها، والوقوف مع القضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة ودعمها ومساندتها بكل غال ورخيص، حتى تحرير الأقصى وكل التراب الفلسطيني، وحتى يعود الحق لأهله، ومطلوب بصورة عاجلة الإسراع لإغاثة إخواننا في غزة، ودعوة مجتمعاتنا للدعاء لهم ، والتبرع بالمال وبكل متطلبات الإغاثة  والمشاركة الفاعلة في كل الفعاليات المناصرة لهم، والضغط على حكوماتنا في تحديد مواقف وأعمال قوية ومؤثرة ومعلنة لمناصرتهم لغزة وفلسطين، وإدانة العدو الصهيوني وداعميه، ومقاطعتهم، أما مجتمعاتنا في الدول المحيطة بجغرافية فلسطين فالدور المطلوب منهم والواجب المحتم عليهم  أكثر وأكبر وأوسع وأشمل مما ذكر.

وأخيرا يا أهلنا في غزة الأبية: 

لقد تعلمت منكم الأمة معاني القوة والعزة والإعداد والصبر والثبات والتضحية والجهاد والاحتساب في مواجهة الشدائد والمصائب وأحييتم فيها روح الأمل وأذكيتم فيها حب التضحية والفداء. 

نصركم الله يا أهل غزة.. أيدكم الله يا أهل غزة..حفظكم الله يا أهل غزة..أعانكم الله يا أهل غزة..أمدكم الله يا أهل غزة..آواكم الله يا أهل غزة..ثبتكم الله يا أهل غزة..جبر الله مصابكم وأخلف عليكم بخير، وتقبل شهداءكم، ودواى جرحاكم، ورفع ما حل بكم، وأطعمكم من جوع وآمنكم من خوف ،وأكساكم من عري ، وأرواكم من عطش، هنيئا لكم جهادكم ورباطكم ومصابكم، وأخلف عليكم بخير في الدنيا والآخرة , فالقلب يعتصره الألم، والعين لا تكف عن الدمع، والنوم طار من الجفن، وانعدم الهناء في المأكل والمشرب، وقد بلغ بنا الكرب والهم  منتهاه، وألسنتنا  تلهج لكم بالدعاء في كل مكان ، هذا حال ومقال كل مسلم غيور على ما آل إليه أمركم يا إخواننا في غزة ,والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى