قرارات البنك المركزي بعدن.. خطوات إسعافية لحماية النظام المصرفي
حجة برس – الصحوة نت:
قرارات وصفت بأنها شجاعة وقوية، أصدرها محافظ البنك المركزي اليمني، احمد غالب، بهدف الحفاظ على الاقتصاد اليمني الذي يتعرض للتدمير الممنهج من قبل مليشيا الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014.
حيث أصدر البنك المركزي، الذي يتخذ من العاصمة المؤقتة عدن مقرا له، قررا دعا فيه البنوك التجارية والمصارف الإسلامية، وبنوك التمويل الأصغر في صنعاء، إلى نقل مقراتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، ومنحها مهلة 60 يوما، وتوعد البنوك الرافضة باتخاذ الإجراءات القانونية ضدها.
جرائم الحوثي بحق القطاع المالي
قرار البنك المركزي جاء بعد سلسلة من الجرائم التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق القطاع المالي والمصرفي في اليمن.
بداية جرائم مليشيا الحوثي بحق القطاع المالي، قطع رواتب الموظفين، ثم نهبت أموال المودعين، لتتجرأ بعد ذلك على منع تداول الأوراق النقدية التي طبعها البنك المركزي عدن في 2017، بدل العملة التالفة، وبذلك قسمت السوق النقدي
لم تنته الجرائم بل فرضت سعرا وهميا لسعر الصرف لتجني من وراء ذلك مصالح شخصية في الاستيراد، ابرز تلك الجرائم قيامها بسك عملة معدنية مزورة، فئة 100 ريال، في جريمة تزيد من فجوة الانقسام النقدي التي تشهده البلاد منذ 2019.
كما رفضت المليشيات في صنعاء تسليم أموال المودعين لدى البنوك التجارية لانعدام السيولة، في عملية نهب وسرقة واضحة، كما يقول محللون.
مسؤولية قانونية
بحسب قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب البنك المركزي فإن مسؤولية البنك القانونية تتمثل في الاشراف والمراقبة على القطاع المصرفي، وأموال المودعين، ولفرض تلك الرقابة على أرض الواقع اضطر البنك لإصدار قرارات نقل البنوك وسحب العملة القديمة.
في مؤتمر صحفي عقده محافظ البنك أحمد غالب، يوم الجمعة، قال “إن قرارات البنك سيادية ذو طابع نقدي ومصرفي وليس له أي صلات باي احداث أو جهات محلية أو إقليمية أو دولية”.
وقد أثارت قرارات البنك المركزي ردود أفعال واسعة مؤيد لتلك الخطوة التي وصفها اقتصاديون بأنها اهم قرار للبنك، ولو كانت متأخرة.
من صميم مهام البنك
في حديثه لـ “الصحوة نت” قال الصحفي وفيق صالح، إن قرارات البنك المركزي من صميم مهامه، كونه البنك المعترف به دولياً، لضبط مسار السياسة النقدية وتحقيق الاستقرار للعملة الوطنية وتحمل مسؤولياته الكاملة أيضا في تحقيق الاستقرار المالي والنقدي.
وأضاف الصحفي وفيق، وهو صحفي مختص في الشأن الاقتصادي، أن هذه القرارات هي من صميمي عمل البنوك المركزية في كل دول العالم، وليس في بلادنا فقط.
وحذر صالح من تراجع البنك عن قراراته، حيث سيفقد ثقة الشارع به كبنك مركزي، وسوف يخسر كافة جهوده التي بذلها سابقاً لتحسين بيئة العمل المصرفي، إضافة إلى أن تراجعه عن هذه القرارات ستكون بمثابة شرعنة لكل ممارسات الحوثيين المقوضة للاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي طوال الفترة الماضية
مليشيات لا تمتلك مشروعية
وعن توقعاته في ردود فعل المليشيات على تلك القرارات، قال “إن مليشيا الحوثي لا تملك المشروعية القانونية أو الأدوات الاقتصادية والمالية التي يمكنها من الرد على هذه الخطوة، وسيكون ردها في الجانب الأمني”.
وأضاف كل ما يمكن أن تقوم به مليشيا الحوثي هو ترهيب القطاع البنكي، بالقبضة الأمنية، وممارسة أساليب البطش والتنكيل لإخضاع البنوك وبقية القطاعات الاقتصادية، حتى وإن كانت ضد المصلحة العليا للمواطنين والاقتصاد الوطني”.
ووصف قرارات البنك بنقل مراكزها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وحصر الحوالات الخارجية، على البنوك المستوفية للشروط والمعايير المطلوبة من قبل مركزي عدن، ضربة معلم، جعلت الحوثي يصرخ أولا في معركة كسر العظم.
تأييد رسمي وشعبي
من المؤيدين للقرار على المستوى الرسمي جاء من أعلى الهرم في الدولة، والمتمثل في المجلس الرئاسي الذي حث على مواصلة سياسة الحزم الاقتصادي ضد ميليشيا الحوثي والانفتاح على مقترحات أصحاب المصلحة لتحرير القطاع المصرفي من قبضتهم”.
وأكد أعضاء المجلس الرئاسي في اجتماع لهم الخميس الماضي، عقب قرارات البنك المركزي، أن البنك يقوم بواجباته الدستورية في إدارة السياسة النقدية وحماية أموال المودعين من مخاطر المصادرة والتجميد نتيجة تعامل تلك البنوك مع جماعة مصنفة إرهابيا.
وأشار المجلس إلى أن الهدف من اجراءات وتدابير البنك المركزي هو حماية النظام المصرفي وإنهاء التشوهات النقدية، والسيطرة على التضخم، وتعزيز الرقابة على البنوك والعمليات المصرفية الخارجية، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
قرارات في سياقها الطبيعي
يرى الصحفي محمد الجماعي، أن الإصلاحات التي يقوم بها البنك المركزي في عدن، لولا تراكمها وتأخر صدورها لكانت في سياق طبيعي ضمن صلاحيات البنك بل وواجباته.
وأضاف الصحفي الجماعي، وهو صحفي مختص في الجانب الاقتصادي، أن تأخر تلك القرارات منح مليشيا الحوثي فراغا ليملأه، بل تجرأ على اصدار إجراءات جنونية ومخالفة، متقمصا دور الدولة، تحت مزاعم الحفاظ على العملة.
وقال في حديثه لموقع “الصحوة نت” أن قيادة مليشيا الحوثي من الأعلى إلى الأدنى، انزعجت من قرارات البنك المركزي وأطلقوا تهديداتهم باتجاه السعودية ولمحوا لمنشآتها النفطية وقبلها هددوا بقصف منشأة صافر، هذا غير الوساطات والاشتراطات التي رفضتها الحكومة بتاتا.
عقوبات جديدة
وتابع الجماعي القول “برأيي فإن مصدر الهلع لقيادة المليشيات هو تنوع هذه القرارات وتعدد زواياها، والتي في المحصلة تدفع إيجابا لتعزيز الثقة بالشرعية والعملة التي تعتمدها”.
أما بخصوص مصير العملة من الطبعة القديمة التي قرر البنك المركزي الغاءها بعد 60 يوما، يؤكد الجماعي أنه بعد انتهاء المهلة المحددة، سيتحدد مصير الأموال بالطبعات القديمة وفقا للعقوبات التي سيفرضها مركزي عدن.
وفي حال لم يتم الالتزام من قبل البنوك بمنع التعامل بتلك الأوراق النقدية بحسب قرار البنك، يعتقد الجماعي، أن العقوبات ستكون اشد، كما صرح بذلك محافظ البنك في مؤتمره الصحفي بانه سيكون هناك عقوبات جديدة وعملة جديدة.
سلسلة من الاجراءات
منذ ابريل الماضي، اتخذ البنك المركزي في عدن سلسلة إجراءات وقرارات بهدف الإصلاح النظام المالي والمصرفي وانهاء الانقسام النقدي التي تشهدها البلاد.
ففي مطلع ابريل الماضي، اصدر البنك قرار دعا البنوك إلى نقل مقراتها إلى عدن، ونهاية ابريل، دشن البنك اجراءات تفعيل حساب التحويلات المحلية والدولية “IBAN“، وقبلها ألزم البنك كل أنظمة الصرافة العمل من خلال الشبكة الموحدة في المناطق المحررة.
ويوم الخميس الماضي، أصدر البنك قرار حظر 6 بنوك لفشلها في نقل مراكزها إلى عدن، وقرار مهلة لإلغاء العملة القديمة، وهي القرارات التي أثارت حفيظة المليشيات ودفعتها لاتخاذ قرارات كردة فعل، بحظر 13 بنكا، لكن محللون اقتصاديون يرون أن تلك القرارات لا جدوى منها كون تلك البنوك تأسست وتعمل منذ سنوات في المحافظات المحررة وليس لها فروع في المناطق التي لا زالت تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
تجاوب عالمي واقليمي
واستجابة لقرارات البنك المركزي، ألزمت الشركة الدولية للتحويلات المالية، موني جرام، من وكلائها الحصول على شهادة عدم ممانعة من البنك المركزي عدن، لاستفادة من خدماتها المصرفية، على أن يتم ذلك في مدة أقصاها 4 يونيو الجاري.
بنك الراجحي، وهو أحد أكبر البنوك في المملكة العربية السعودية، أوقف تعامله مع البنوك المحظورة بحسب قرار البنك المركزي اليمني، كما طلب من وكلائه احضار شهادة عدم اعتراض من البنك المركزي عدن لاستمرار.