الثورة اليمنية دور الإنسان و المكان
احمد عبدالملك المقرمي:
عبر المحطات النضالية التاريخية في العالم العربي، كان يثبت الوطن العربي أنه كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، أو ثار آخر تداعت له سائر الأعضاء باليقظة و التعافي.
هذا ما أثبتته شعوب الوطن العربي في نضالها و مواجهتها للاستعمار، بصرف النظر عن الأوبئة المضادة التي كان الاستعمار و الاستبداد يحاولان ــ دوماــ نشرها عبر أدواتهما،بل و لايزالان.
و من هنا فإن الثـــورة ليست بضــاعة للتصدير ؛ كما يحلو لمروجي مصطلح تصدير الثورة، و إنما الثورة إحساس نـابع في الأصل من الداخل، و مبادرة ذاتية كإحساس عضو ما في الجسد المتعــــافي الذي تتداعى له سائر الأعضـــاء بالشفـــــاء و التعافي ، فتتعاطى معه بقية الأعضاء.
ثورة 14 أكتوبر،سبقتها انتفاضات نقابية،و عمالية، و لكن دب الشفاء في المناطق الجنوبية من اليمن تعاطيا مع الشفاء و العافية التي دبت في المناطق الشمالية من الوطن ؛ حيث طوت و حطمت ثورة 26 سبتمبر حكم بيت حميد الدين ؛ فإذا صنعـاء و عدن و تعز ميدانا واحدا للثورة اليمنية، كما كان الحال في ثورة الأحرار 1948م.
كانت عدن ــ كمكان ــ في ثورة 48 حاضنة للأحرار، و كانت رافدا مهما ، و مَـدَدا مســاندا لثـورة الســادس و العشرين من سبتمبر.
و كما كان لعـدن دورها البارز في ثورتي 48 و سبتمبر 62، برز دور صنعاء و تعز جليا و واضحا في الدعم الفاعل لثورة 14 أكتوبر من العام 1963.ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب.
و كان دور تعــــز أكثر حضــورا طوال فترة العمل الفـدائي المسلح ضد الإنجليز في المناطق الجنوبية.
لقد احتضنت تعز قادة العمل السياسي و العسكري لثورة أكتوبر اليمنية، و فتحت معسكرات التدريب، و كانت القاعدة، و المنطلق للفدائيين، كما كانت المصدر الأهم الذي يدخل منه العتاد و الذخيرة إلى الفدائيين في عدن و بقية المناطق.
الحديث عن مواقف و أدوار عدن ، أو تعز ، أو صنعاء، او غيرها من المناطق و المدن في تكامل الأدوار، و تبادلها، و تبني هذه المدينة، أو تلك مناصرة الثورة هنا أو هناك ليس رصيد مَنٍّ لأي من هذه المدن ، فلا المكان يمكن أن يَمُنّ على الشعب، و لا الإنسان يمكن أن يتنكر لدور المكان في دعم و تبني هذه الثـــــورة، أو تلك، فقد كان اليمنيــون جميعا يحملون شعورا واحدا ، و هدفا موحدا، و يقومون لواجبٍ يرونه في عاتقهم أجمعين.
منذ أيام احتفل اليمنيون بالذكرى الثانية و الستين لثورة 26 سبتمبر، و الاستعداد ــ اليوم ــ يجري لدى كافة اليمنيين الأحرار ــ مكانا و إنسانا ــ للاحتفال بالذكرى الواحدة والستين لثورة 14 أكتوبر 1963م.
لقد كان منسوب الوطنية لدى اليمني عاليا، فاعلا، راقيا، موحدا، و سواء كان ذلك في العمل ضد الاستعمار البريطاني، أو كان ضد الإمامة.
هذا الرصيد التاربخي في المنسوب الوطني العالي، يحتاجه الوطن اليمني اليـوم في ميـادين مــواجهة مليشيــا الحوثي ، و المشروع الإيراني التعيس، و كذا مواجهة مشـاريع التقزيم ، و كل المخططات المشبوهة.
بل إن تعزيز منسوب الحرية و الإرادة و النهوض، يتطلب أن يستعيد ألقه التاريخي التعاضد و التساند بحيث يكون منسوبا عروبيا، و دينيا شاملا لمواجهة الأعداء كافـة ، كما يواجهوننا كافة.
و إن قضية العرب الأولى؛ فلسطين لهي المحك و الاختبار اليوم لما يتطلبه الواجب و إبراز الموقف الديني و القومي تجاه هذه القضية الشرف، قضية الحاضر،و المستقبل، قضية الحضور العربي حرا مستقلا، و فاعلا.