أخبار محليةحقوق وحريات

الحديدة 2024.. عامٌ حافلٌ بالمآسي والانتهاكات الحوثية

حجة برس – الصحوة نت:

مع انتهاء عام 2024، تطوي مدينة الحديدة صفحة أخرى من صفحات الألم والمعاناة، مودعة عامًا حافلًا بالمآسي والأزمات الإنسانية التي عاشها سكانها تحت وطأة سيطرة الكهنوت الحوثي، الذي يفرض قبضته على المدينة بقوة الحديد والنار.

وشهدت مدينة الحديدة خلال العام 2024 سلسلة متواصلة من الانتهاكات الحوثية التي طالت كل جوانب الحياة، مخلفة وراءها واقعًا إنسانيًا كارثيًا ومعاناة متفاقمة لسكان المدينة.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز الأحداث والوقائع التي شهدتها المدينة على مدار العام، من تصعيد عسكري مستمر وانتهاكات بحق المدنيين، إلى نهب الأراضي ومصادرتها وتهجير السكان.

– عسكرة المدينة:

اتخذت مليشيا الحوثي من الشريط الساحلي لمدينة الحديدة منطلقًا لعملياتها العسكرية ضد السفن التجارية والنفطية في البحر الأحمر وخليج عدن وتهديدها للملاحة الدولية، وهو ما تسبب بإنشاء تحالف دولي لقصف البلاد واستقدام قوات أجنبية في السواحل.

ففي مطلع العام 2024م، انتشرت عشرات القطع العسكرية البحرية على طول شريط المياه الإقليمية اليمنية، منها مدمرات وغواصات وحاملات طائرات، بذريعة التصدي للهجمات الحوثية على السفن

وفي فجر يوم الجمعة 12 من يناير 2024م، بدأ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا شن سلسلة من الغارات الجوية والضربات بصواريخ كروز على مدن يمنية كان لمدينة الحديدة النصيب الأكبر منها، ولا يزال التحالف الدولي مستمر بعملياته في اليمن حتى اليوم.

وقد أثرت الهجمات الحوثية والانتشار العسكري الدولي في المياه الإقليمية للبلاد على الكثير من القطاعات، وعلى رأسها نشاط الصيد والعاملين فيه، حيث أصبحت قوارب الصيادين هدفًا مباشرًا لصواريخ الحوثي ونيران القوات الدولية في البحر.

هذا ووثقت تقارير مقتل واختفاء عشرات الصيادين اليمنيين من أبناء محافظة الحديدة ومديرياتها منذ مطلع العام 2024م، نتيجة للعمليات العسكرية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى حوادث مطاردات واحتجاز لعدة أيام تعرض لها عشرات من صيادي الحديدة من قبل القطع الحربية الأجنبية.

ووفق تقرير دولي، فإن نحو 10 آلاف صياد في محافظة الحُديدة وحدها، لم يتمكن من العمل كالمعتاد بسبب هجمات الحوثيين، وأن الصيادين اليمنيين لا يستطيعون الصيد في المياه العميقة في البحر الأحمر، لخوفهم من الوقوع في مرمى النيران.

– استدعاء العدوان الصهيوني:

وسعت مليشيا الحوثي إلى استدعاء العدوان الصهيوني على اليمن في مهمة مشتركة للصهيونية لتدمير ما تبقى من مقدرات الشعب اليمني.

حيث ركزت غارات العدوان الإسرائيلي على استهداف موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، بالإضافة إلى استهداف محطات توليد الكهرباء في رأس كتنيب وباجل لتخرجها عن الخدمة بشكل كامل، كما وتسببت في وقوع خسائر بشرية وأضرار مادية كبيرة.

حيث أدت الغارات الإسرائيلية على مدينة الحديدة منذ 20 يوليو/تموز الماضي حتى 19 ديسمبر/كانون الأول إلى مقتل 18مدنيًا من العاملين في الميناء ومؤسسة الكهرباء، بالإضافة إلى خسائر تقدر بنحو 313 مليون دولار.

ولا تزال مليشيا الحوثي مستمرة – حتى اليوم- في تحويل مدينة الحديدة إلى بؤرة للمواجهة والاستهداف، من خلال تصعيدها للعمليات العسكرية وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة من سواحل المدينة، في إطار تنفيذها لأجندات المشروع الإيراني في المنطقة.

– مصادرة الأراضي وتهجير السكان:

زادت مليشيا الحوثي خلال عام 2024 من  وتيرة عمليات نهب وحيازة أراضي الدولة العامة وكذلك أراضي المواطنين في تهامة بشكل ملحوظ، وتحويلها إلى ملكيات خاصة لقياداتها ومشرفيها.

في 5 مايو العام 2024، نفذت مليشيات الحوثي حملة عسكرية ضد سكان قرية الدقاونة الواقعة بالقرب من المنطقة الصناعية في مديرية باجل التابعة لمحافظة الحديدة، وصادرت مساحات واسعة من أراضي ومزارع المواطنين، كما قامت بتهجير أهالي المنطقة من منازلهم ومزارعهم واعتقال عدد منهم.

وفي 11 أغسطس 2024، قام القيادي الحوثي المكنى “أبو طه المداني”، من خلال ترأسه حملة عسكرية كبيرة، بالاستيلاء على أراض تبلغ مساحتها 250 معادًا (مليون ومائة ألف متر مربع)، في مديرية المراوعة جنوب الحديدة، ومن ثم مصادرتها وتسويرها.

وخلال الحملة الحوثية، أصيب عدد من المواطنين المدنيين برصاص مليشيا الحوثي، أثناء مواجهتهم لمحاولات أفراد الحملة التابعين للقيادي “المداني” السيطرة على أراضيهم.

وفي أواخر شهر أكتوبر الماضي، شنت مليشيات الحوثي حملات عسكرية لإخلاء عدة قرى في أرياف محافظة الحديدة وتهجير سكانها بقوة السلاح، من بينها قرى منظر والدريهمي والجراحي، بغرض حفر أنفاق وبناء تحصينات عسكرية في تلك المناطق السكنية، بالتزامن مع تصعيدها العسكري في المدينة.

– تفخيخ المدينة بالألغام:

تعتبر محافظة الحديدة واحدة من أكثر المحافظات تلويثًا بالألغام التي زرعتها مليشيا الحوثي، ومنذ مطلع العام 2024، حصدت الألغام الحوثية حياة عشرات المدنيين من أبناء محافظة الحديدة.

وقد أفادت بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة “أونمها”، في تقاريرها الشهرية، بأنه منذ مطلع العام الجاري، أودت الألغام بحياة 31 مدنيا وأدت إلى إصابة 43 آخرين بينهم نساء وأطفال، في محافظة الحديدة.

كما رصدت البعثة الأممية، استشهاد امرأة وإصابة طفل، خلال أكتوبر المنصرم، بانفجار لغمين في مديريتي حيس وبيت الفقيه بمحافظة الحديدة.

وبحسب تقارير محلية، فقد قامت مليشيا الحوثي، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، بزراعة ألغامًا في المزارع والمنازل بالقرى التي هجرت سكانها مؤخرًا، وتحديدًا في مديرية الجراحي ومنطقة منظر الحدودية لمدينة الحديدة ومديرية الدريهمي، إضافة إلى بعض المناطق الساحلية التابعة لمديريتي التحيتا وبيت الفقيه.

– انتهاكات حقوق الإنسان:

على الصعيد الإنساني، عززت مليشيا الحوثي الإرهابية قبضتها الأمنية والعسكرية على مدينة الحديدة وسكانها، لترتفع بذلك سجلات الانتهاكات الحوثية بحق المواطنين بشكل كبير.

عقب كارثة السيول التي لحقت بمحافظة الحديدة، قامت مليشيا الحوثي باختطاف “العميد علي هندي” في 22 أغسطس 2024، وذلك عقب نشره لمنشورات على حسابه في فيسبوك انتقد فيها مشكلة تكدس مياه الأمطار في شوارع الحديدة.

وعلى خلفية احتفالات المواطنين بعيد ثورة 26سبتمبر، شنت مليشيا الحوثي حملة اعتقالات واسعة بحق عشرات المواطنين في مدينة الحديدة، منهم أكاديميين وطلاب جامعات وناشطين.

ففي 21 سبتمبر 2024، داهمت مليشيا الحوثي في مدينة الحديدة منزل الدكتور عباس الحرازي (65عامًا) عضو هيئة التدريس بجامعة الحديدة، وقامت باختطافه واقتياده لجهة مجهولة على خلفية كتابته منشور عن عيد 26 سبتمبر في أحد جروبات الواتس.

وبالجناية ذاتها، اختطفت مليشيا الحوثي “منير بشر” طالب بكلية طب الاسنان جامعة الحديدة من إحدى العيادات بشارع شمسان في 24 سبتمبر 2024، بوشاية من المدعو محمد الأهدل رئيس جامعة الحديدة التابع للحوثي.

وفي مطلع شهر نوفمبر الماضي، قامت مليشيا الحوثي باختطاف سبعة مواطنين، كان قد تم احتجازهم قبل سنوات ومن ثم الإفراج عنهم، لتعيد المليشيا اختطافهم مجددًا وحقنهم بمواد سامة ما تسبب في وفاتهم، بحسب تقارير محلية.

ووفقًا للتقارير فقد تم حقنهم بمواد سامة وقتلهم جميعًا، وذلك بعد أيام فقط من تبرئتهم من المحكمة، وفق شهادات ذويهم، الذين تفاجأوا بإبلاغهم بالمجيء لاستلام جثامين ضحاياهم بحجة وفاتهم إثر إصابتهم بـ”جلطة”.

وعُثر فجر السبت، 28 ديسمبر، على جثمان النازحة المختطفة من قبل الحوثيين، فاطمة عايش أحمد (45 عاماً)، في منطقة نائية خارج مركز مديرية الدريهمي، جنوب محافظة الحديدة.

وبحسب منشور لمكتب الإعلام بمحافظة الحديدة، فقد ظهرت على جثة المواطنة آثار تعذيب وحشي، ما يشير إلى تعرضها للتعذيب حتى الموت من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية.

– تضييق الحياة العامة:

في 9 أكتوبر 2024، اقتحمت قوات مليشيا الحوثي مركز الدعوة والتبليغ في مدينة الحديدة، وصادرت كافة محتوياته، كما قامت بطرد أكثر من 500 طالب من منتسبي المركز.

وبحسب مصادر محلية، فإن مركز الدعوة والتبليغ تم إنشاءه بمدينة الحديدة في تسعينيات القرن الماضي ويحتوي على مركز لتحفيظ القرآن الكريم ومعهد ملحق يُدرس فيه الفقه الشافعي والفقه المقارن.

وفي 9 ديسمبر 2024، قام مسلحون تابعون لمليشيا الحوثي بإغلاق مصنع درهم “ديلسي” بمديرية المراوعة وإطلاق النار على عمال وموظفي المصنع في محاولة لمنعهم من الدخول.

وفيما يتعلق بالتعليم، فقد ارتكبت مليشيا الحوثي في مدينة الحديدة، خلال العام 2024، موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه، شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس والجامعات على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى.. وغيرها.

وبهذه الانتهاكات الحوثية، تودع مدينة الحديدة عامًا آخر من المعاناة وسط صمت دولي مطبق؛ لتبقى أمنية المدينة وأهلها أن يكون العام الجديد ميعاد تحريرهم وإخراجهم من ظلمات الكهنوت إلى نور الجمهورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى